تدوينة شخصية جدا
شقة صغيرة هي - و إن كنت أتذكرها رحبة فسيحة كعادة الأطفال - لا يوجد بها شباك واحد يطل على الشارع ، جميع نوافذها تطل على المسقط الخلفي - المنور - و ربما يكون هذا من أهم أسباب كراهية أمي لهذة الشقة 0
إلا إنني كنت و لازلت أحبها ، بصالتها الصغيرة و حجراتها الثلاث الأصغر ، و الحمام الصغير الذي لا يتسع للبانيو . أيامها لم يكن البانيو كان قد صار من ضروريات الزواج و العروس التى تتزوج بلا بانيو لم تكن سيدات العائلة و الجارات يأكلن وجهها ، حتى لو لم تر أيهن بانيو في حياتها من قبل اللهم في فيلم السهرة يوم الخميس مع أكوام اللب و السوداني و ربما الفشار على سبيل الترف 0
0
كانت شقتنا مكونة من ثلاث حجرات ، حجرة نوم أمي و هي الأكبر بطبيعة الحال ، ثم حجرة معيشة بها الكنب الأسيوطي العزيز و تلفزيون إن إي سي 12 بوصة و الذي استبدل فيما بعد بـ 16 بوصة 0 و سجادة صغيرة نفترشها و نتجمع حول وابور الجاز الذي يشيع جو من الحميمية و الدفء بصوته قبل نيرانه بشكل تعجز عنه أحدث الدفايات . نجلس حوله لمشاهدة مسلسل القناة الاولى - لم يكن أحد في مصر يعرف ما هو الدش أصلاً - و ربما تمددت على الأرض و أمامي كراسة الواجب أحل بها مسائل الحساب الذي كنت - ولازلت - فاشلة فيه تماماً 0
0
0
0
ربما يرجح بعضكم أن حنيني لشقتنا القديمة هو حنين لأيام طفولتي ، فإذا كنت من هذا البعض دعنى أؤكد لك خطأ هذا الأعتقاد 0
فلقد كنت طفلة بدينة ضعيفة الشخصية و أعتقد أنني مازلت كذلك حى الآن - أتحدث عن ضعف الشخصية بالطبع و ليس البدانة - و كان علىّ أن أتحمل سخافات الفتيات الأقوى شخصية ، الشريرات بطبيعة الحال . كما قالها د. احمد خالد من زمن أن " الشر يكون إيجابياً دائماً في حين يندر الخير الإيجابي " . ربما لأن الخير الإيجابي سرعان ما يتحول لشر بمجرد أن يستشعر لذة السيطرة 0
مازلت إلى الآن طفلة حمقاء ضعيفة الشخصية معدومة الكاريزما تحاول التظاهر بالعكس و أعتقد أنني أنجح أحيانا في إيهام الناس أنني ذات شخصية قوية واثقة من نفسها 0
0
لماذا أكتب هذا ؟ لماذا أحكي لكم عن شقتنا القديمة التي لم أرها منذ كنت في التاسعة من عمري أي منذ ما يزيد عن 17 عاماً ؟!!! 0
ربما لأنني لم أكتب منذ فترة و شعرت بحاجة ملحة للكتابة عن أي شئ 0 ربما لأن هذه هي مساحتى الشخصية للفضفضة و قد أكتشفت مؤخراً أنني لم أفضفض بها من قبل 0
ربما هو ذلك الحنين القاتل لبني البشر والذي يدفعك دفعاً للإعتقاد بأن ما فات من سنوات عمرك هو الأحلى - حتى و إن لم يكن - فقط ليلهيك عن رؤية لحظاتك الحلوة الحالية 0
ربما العكس تماماً ، ربما أحاول إقناع ذاتي بأنه هناك بالفعل لحظات حلوة أعجز عن الاستمتاع بها 0
ربما لأنني أحاول إخراج ركام روحي ، علها تنفض عنها هذه الكآبات والهموم و تعود منتعشة كما كانت منذ لا أذكر متى 0
وربما لأنني أصبحت سوداوية الطابع ، أعجز عن الشعور بالسعادة كما كنت أفعل و أنا في العشرين 0
0
منذ بضعة أسابيع سألني أحد أقرب أصدقائي بدون مناسبة " إنتي مبسوطة يا أميرة ؟ " فأجبت بتلقائية أفزعتني " لأ " وبدون إبداء الأسباب 0
ببساطة لأنني أنا نفسي لا أعرفها 0